عشقته و لم تسعدني الأيام بإمتاع النظر إلى محيّاه الجميل، لكني استطلعت أخباره في كتبه و رسائله حتى ما روى الرواة عنه في سيرته فوجدت هنالك عجائب أقلّها ما يستهوي النفوس المتمردة و يأخذ بمجامع القلوب الجافة العاصية إلى أن تعتنق الإسلام عقيدةً و منهجًا للحياة. إنه تفرّد بين معاصريه بما أوتي من لدن الحكيم العليم، و كتبه و رسائله اليوم لا تزال تبدي لمن أمّ حماها و تجشّم صعوبة القراءة صنوفاً من بديع الاستدلال على أنه رب واحد لا شريك له، و أن وجوده ليس ممكنًا فحسب بل ضروري و مستحيل عدمه، متصف بسائر الصفات الكمالية ، منزه عن جميع سمات النقص و الزوال.
عشقته منذ عهد الصبا لما وقعت الباصرة على (( تقرير دلبذير)) بالأردية ففكّرت فيه و تدبّرت خوافيه و حواشيه ، و زادني غرامًا به إذ سمعت أن أناسًا قبلي أصيبوا بما أصبت به، و عدّوه أحقّ بأن يُصرَف فيه نفائس أوقاتهم بعد ما فرض عليهم من الطاعات، و حسبوه عدّة لمعادهم و سعادة لحياتهم.
تجد في رسائله و كتبه العديدة ما فيه طرزًا من الاستدلال يجمع بين العلم البديهي و النظري ، و القضايا المنتجة ما يعمل في شغاف قلبك و يطربك باتساوق نغماته من دون أن يكون هناك وتر و لا ألحان. تجد فيها برهانًا عظيمًا على التوحيد و إبطال التثليث ، و فوائد جمة في بيان الحِكم المكنونة في الشريعة المصطفوية التي لا تزال لامعة مع نضرتها الأولى و لم تضر بتغير الأيام ، بل هي سالمة باقية كالشمس بازغة بأجمل الهبات الطبيعية ، و لم تنقصها العلمانية و النسوية و ما بعد الحداثة ، و مياه دينِنا الإسلام ، إذا تعمّقنا النظر في كتب النانوتوي ، تبرهن لنا أنها باقية عذبة دافقة.
إليك مني السلام يا الإمام النانوتوي ، إننا ما رأيناك لكن رأينا آثارك الأبدية اللدنّية، أدهشتنا بصنع الاستدلال المنطقي البرهاني على أصول الدين و فروعه ، وشرعت لنا شرعة التعليم الديني في المدارس الإسلامية بالطريقة المثلى، و آثارك برهان جليّ على أن كان لديك عقل كامل ، و نظر نافذ، فاقت و زادت على من عمل قبلك من الفلاسفة و العلماء و الحكماء
الإمام النانوتوي ، و ما أدراك ما الإمام النانوتوي؟ اللوذعي الألمعي ، قاسم العلوم و الفيوضات، صاحب الحضرة الربانية، هو الكنز المطلسم ، و البحر الزاخر المطلطم اللهم إني أسألك بجاهه لديك، أن تعمر قالبي بعلومه، وسمعي بأقواله، و روحي بأسراره و فيوضه ، اللهم بخالص ودّه لديك تنفحني بسبب حبّي إياه نفحة الأتقياء ، و تمنحني به منحة الأصفياء ، فإن علومه هي الأسرار المصنونة ، و الجواهر الأفراد المكنونة ، و اليواقيت المنطوية عليها أصداف مكنوناتك. فبعلومه صرنا نستدل بها عليك ، فقد زال بذلك عنّا الريب و حصل اليقين و الانتباه الذي لايشوبه شائبة أيّ شك. اللهم إنك جعلت دلالتنا عليك بعلومه ، فارض اللهم عليه و أعل مقامه فإنك جعلت علومه مصابيح الهدى المطهّرة من رق الأغيار ، فمن قلبه ظهر درر المعاني فجُعِلت قلائد التحقيق لأهل المباني. آمين يا رب العالمين.
شهزاد خان